جديدنا
الكتلة الإسلامية في جامعتي الأزهر والإسلامية بغزة تشارك وقفة التضامن الوطنية الكتلة الإسلامية في مدارس قطاع غزة تحيي ذكرى المولد النبوي الكتلة الإسلامية في جامعات غزة تواصل استقبال الطالبات مع انطلاق العام الدراسي الجديد مجلس طالبات الجامعة الإسلامية بغزة ينظم حفلاً ترفيهياً الكتلة الإسلامية تستقبل الطلبة في جامعات قطاع غزة الكتلة في جامعة الأزهر تنظم الملتقى الطبي التاسع الكتلة الإسلامية تستقبل الطالبات ببدء العام الدراسي الجديد الكتلة الإسلامية في الجامعة الإسلامية بغزة تختتم المخيم الكشفي ميدان الشباب الكتلة الإسلامية تكرم المتفوقات بالثانوية العامة في شرق غزة الكتلة الإسلامية تكرم المتفوقات بالثانوية العامة في جنوب غزة

    الفكرة لا تشنق والفدائيون لا يموتون

    آخر تحديث: السبت، 29 مارس 2014 ، 09:33 ص

    الفكرة لا تشنق والفدائيون لا يموتون

     

     

     

    د.ديمة طهبوب

     

    لا بد أن في الأمر رسالة ربانية مدت في حياة رجل كمحمد مهدي عاكف بما يمثله من فكرة في الوقت نفسه الذي اصطفى الله شهداء على نفس دربه أيضا؛ ليضربوا للناس قدوة مفادها أن الفكرة، وإن ظهرت على شكل أشخاص، لهي باقية بعدهم وهي سبب في خلود ذكرهم، ولعله درس أكثر من تاريخي ضربه المرشد الذي تخلى عن منصبه طواعية وقد بلغ من العمر ثمانين عاما ونيفا لم يسأم خلالها من الإيمان بأن الله ناصر دينه وعباده، وقد خاض خلالها معارك كثيرة في حياته سجن على إثرها في ستة حقب: فقد سجن من قبل الانجليز ومن قبل الملك فاروق ومن قبل عبد الناصر والسادات ومبارك والسيسي، دون أن تهين لهذا الرجل قناة، ودون أن يعطي الدنية من دينه، ودون أن يبيع دينه بدنياه، وهذا البطل المغوار عرف لرئيسه الشرعي المنتخب حقه وفضله فقدمه عليه في السجن الذي يجمع بينهما الآن.

     

    وما بين السيسي والاحتلال البريطاني وبالرغم من اختلاف الزمن والدين والحضارة إلا أن ثقافة المستبد واحدة والهدف واحد والبطش أعظم في النسخة العربية، وما بين هؤلاء وهؤلاء أبقى الله لهذه الأمة أمثلة على سنة التدافع بين الحق والباطل، فذهب الكثير من المبطلين وبقي عاكف رهين المحابس الستة في ستة عهود وحقب تاريخية، وأمثاله شهداء على الدروس والسنن الالهية وحرية الفكرة. وشيب شعره وانحناء ظهره يذكر بما قاله الامام الغزالي «Ø±Ø¬Ø§Ù„ الدعوات يذيبون قواهم وشبابهم في أداء رسالتهم، ويسكبون دماءهم ويحرقون أعصابهم لتتألق بهم الرسالات التي يعملون لها، فتتحول بهم إلى سيل جارف، ويتحولون بعدها إلى رفات هامد، هذا سبيل الفدائية المحفور في تاريخ البشر منذ الأزل».

     

    مات من مات من الطغاة وظهر غسيلهم القذر من سيرتهم في دراسات وكتب نشرت عنهم، وبقيت الفكرة الاسلامية وتمكين الاسلام من الحكم من أول قاعدة الهرم في المجتمع وحياة الناس الى أعلى شؤون الدولة، لها أخطاؤها بالطبع لبشرية حامليها ومعتنقيها والعاملين لأجلها، لكن لها من الطهر والنبل والاخلاص والتضحيات ما لم ينكره منصف.

     

    ليست التضحية من أجل فكرة بالغالي والنفيس حكرا على الاسلام والمسلمين، بل هي قيمة إنسانية تظهر في كثير من الأمم متى قوي الإيمان بمبدأ ما، ولولا ذلك لما خرجت في زماننا مثلا المنعمة المدللة ابنة أمريكا راشيل كوري لتقف أمام جرافة اسرائيلية مضحية بروحها وناصبة جسدها درعا بشريا لحماية الفلسطينيين وبيوتهم من الهدم، ولولا المبادئ الانسانية العظيمة لما شاركنا أخوة في الانسانية في الاحتجاج بكل الوسائل دعما لقضايانا العادلة، وتحملوا من أجل ذلك العنت والمشقة، فكيف بأبناء الاسلام وهم يجمعون العز من أطرافه بنبل الفكرة وعِظم الأجر وجلال الهدف؟! كيف وهم ليسوا وحيدين ولا فرادى على الطريق بل سبقهم أعلام في التضحية وما زالت صرخة خبيب بن عدي مدوية في التاريخ:

    ولست أبالي حين أقتل مسلما على أي جنب كان في الله مصرعي

    وذلك في ذات الإله وإن يشأ يبارك على أوصال شلو ممزع

     

    خلد خبيب، المصلوب الأول في ذات الله، وخلدت فكرته وطريقه وتضحيته ومات جلادوه ميتة أبدية لا بحسن ذكر لا في الأولى ولا في الآخرة، ولم يسجل التاريخ تمكينا لأي فكرة أو أمة أو مشروع وأصاحبه يلهون ويلعبون، فلا شهد من دون إبر النحل ولا خلود ولا حياة من دون طلب للموت وحرص عليه.

     

    كان بإمكان هؤلاء أن يحموا أنفسهم وينجوا برقبتهم وفي الامر، حتى دينيا، سعة؛ ولكن الله كما رخّص لبعض الضعفاء بالتورية والتمويه والخدعة جعل من البعض كفا في وجه المخرز، يقفون في عين العاصفة وفي فم السبع مستعدين لتحمل كل التبعات لا بنفسية اليائس المستسلم، ولكن بنفسية المقاتل الصامد حتى آخر طلقة وأخر نفس، كما وصف الشاعر هاشم الرفاعي في رسالته ليلة التنفيذ:

     

    كل الذي أدريه أن تجرعي كأس المذلة ليس في إمكاني

    أهوى الحياة كريمة لا قيد لا ارهاب لا استخفاف بالانسان

    فإذا سقطت سقطت أحمل عزتي يغلي دم الأحرار في شرياني

     

    نحتاج أن نتذكر التاريخ لكي لا تجزع النفوس من أهوال الحاضر التي يعيا العقل في تفسيرها، وإلى إعادة توطين النفس وتربيتها على أن التضحية جزء لا يتجزأ من مراحل التمكين، وليس معنى ذلك أن نختصر المراحل؛ فالحياة في سبيل الله لتمكين شرع الله على الأرض جهاد مقدس كالموت في سبيله سبحانه، والاستخلاف وعمارة الأرض وخدمة البشر هي سبب وجودنا الأول؛ فنحن خلفاء بناؤون بقدر ما يجب أن نكون شهداء فدائيين، بذا تكتمل الشخصية الاسلامية ويكتمل الفهم والنموذج والاستعداد بأن تكون بيدك اليمنى فسيلة تزرعها وحجر تبني به، فإذا جد الجد وسمعت النداء كان السيف على يسارك والتضحية محببة إليك والى المجتمع من حولك؛ لتحفظ لهم حياتهم وحاضرهم ومستقبلهم.

    أضف تعليق

المسابقة

يجب عليك ان تقوم بتسجيل الدخول اولا ...